
في البداية لنعرف أن اضطراب التوحد اضطراب نمائي يصيب الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة, من سن 3 سنوات حتى
8 سنوات, حسب الإصدار الخامس من الدليل الإحصائي والتشخيصي لجمعية الطب النفسي
التابعة للأمم المتحدة, ويطلق عليه الاضطراب الغامض الذي لم يعرف حتى الآن سببه أو
حتى علاج شاف له,وقد عرفهsmith في عام 1975م بأنهم " أولئك الأطفال
الذين يعانون من الانسحاب الشديد من المجتمع , وفقدان التواصل , أو الفشل في تكوين
العلاقات مع الآخرين , الترديد الميكانيكي للكلمات والعبارات , السلبية في التغير
, الإعادة المملة للأفعال , ونطق الكلمات.

ومن
الجانب الآخر فيظهر ذوي اضطراب التوحد تقدم ملحوظ وفوق المتوسط في إحدى المجالات
مثل الموسيقى أو الذكاء الرياضي, كما أثبتت الدراسات أن 25% منهم لديهم ذكاء أعلى من المتوسط والبعض الآخر من الممكن أن يظهروا مهارات
نمائية جيدة ,فهذا هو صاحب
الاضطراب الغامض (الفرد الأوتيزمي), واعتبارًا لمبدأ الفروق الفردية فكل حالة
تختلف عن الأخرى.
فكيف إذًا يستقل طفل
التوحد !؟
وهذا قد يكون واقع أم هي
أمنيات تراود أولياء أمورهم.. منذ أحلامهم أن يكون ابنهم طبيًا, أو طيارًا.., ثم
ليصدمهم الواقع, فيتمنوا على الأقل أن يتركوه في دنياه مطمئنين عليه مع أسرته التي
ترعاه في غيابهم!, وهل إذا ما تمت تلك الخطوات هل ينتقل التوحد بالوراثة!؟..
من بداية تشخيص الطفل باضطراب التوحد يبدأ
تأهيله, وصولًا به لأقصى حد تسمح به
قدراته, مارّين بمراحل النمو: مرحلة الطفولة بنوعيها , ثم المراهقة والشباب, ومع
التقدم تأتي مرحلة الرشد ولاحقًا الشيخوخة, ويتأثر النمو الاجتماعي السوى
الصحيح في المراهقة بالتنشئة الاجتماعية من جهة وبالنضج من جهة أخرى .
هل يمكن لذوي اضطراب التوحد الزواج!؟ وكيف يكون مسئول وصاحب أسرة!؟
المصابين باضطراب التوحد يمروا بنفس المراحل والتغيرات التي يمر بها الفرد
العادي, فالاختلاف فقط في وسيلة التواصل بينهم وبين الآخرين وطرق التعبير عن تلك
التغيرات والمشاعر وكيفية التعامل معها, ويأتي هنا دور الأسرة في تأهيل الطفل
والتدريب المسبق لما يجب عمله في كل مرحلة, ويجب مشاركة المراهق المصاب بالتوحد
في الحياة اليومية للعائلة مما يعزّز شعوره بالانتماء كما ينمو التواصل المباشر أو
غير المباشر بين الطرفين.
أما وصول الشخص التوحدي لمرحلة الشباب فالرشد
فيجب أن يكون حقق في تلك المراحل قدر جيد من الاستقلالية, والاعتماد على النفس,
والتواصل مع الآخرين, ونسبة مرتفعة من الإدراك ومع ذلك قد يكونون منهمكين ف ذواتهم
ولا يفضلون العلاقات الاجتماعية الكثيرة.
فبوصول الشخص التوحدي لهذا القدر من الاستقلالية والقدرة على العمل
والتواصل مع الآخرين لا يكون هناك مانع من الزواج, أما انتقال التوحد وراثيًا,
فإذا كانت هناك جينات وراثية توحدية عند الأب قد ينتقل بعضها لأحد الأبناء وقد
تظهر في سلوكيات الطفل, أما إذا كان التوحد مكتسب من البيئة او نتيجة الأسرة أو
حتى من نوع "سمات التوحد الخفيف" فلا تنتقل جينات التوحد و بالعكس يكون
الأب التوحدي أكثر قابلية للشفاء عن الحالات الجينية الأخرى وهذه الحالات التوحدية
الخفيفة تحقق نجاحًا أكبر في العلاقات الاجتماعية عن الحالات المتوسطة والشديدة.
لكن النظر للواقع من حيث
زواج الذكور التوحديين والإناث, فمَن من الرجال في مجتمعنا الشرقي يرضى أن يتزوج
بامراة تعاني من اضطراب التوحد (سواء الخفيف حتى المتوسط) ويتقبل هذا القصور؟!,
لكن بالعكس نجد أن رجل مصاب بالتوحد لا يمنعه الزواج من امرأة طبيعية تقبل الزواج
به, وهنا تتكفل المرأة برعايته كزوجه وأم لأبنائها وكموظفة تسد حاجة أسرتها
المادية في حالة عدم عمل زوجها المصاب باضطراب التوحد, فمسألة زواج ذوي اضطراب
التوحد بأسوياء مطروحة لكن يعتمد على توافر أمور في المصاب بالتوحد منها
الاستقلالية, الإدراك, التواصل, تحمل قدر من المسئولية, فنسبة اضطراب التوحد
منتشرة في العالم أجمع, فمن يعلم, قد نجد حولنا من هم مصابون باضطراب التوحد
الخفيف ولكنهم لم يُشخصوا ولم يعلم عن اضطرابهم أحد, وتزوجوا وكونوا أسرهم ونجد
تصرفاتهم تتسم بالعناد أو الخوف من التواصل الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية,
ويعانون من المشكلات الأسرية, وهم لا يعلمون أنه تلك التصرفات ترجع لإصابتهم بذلك
الاضطراب الغامض.
الهوامش:
أسامة فاروق مصطفي , السيد كامل الشربيني ـ
سمات اضطراب التوحد , ط1, دار المسيرة , عمان ,2011م.
وفاء علي الشامي, سمات اضطراب التوحد تطورها
وكيفية التعامل معها ,ط1, مكتبة الملك فهد , م2004.
منصور حسين، محمد مصطفي زيدان, الطفل والمراهق ،ط1, مكتبه النهضة
المصرية، 1982م.
سوسن شاكر مجيد ـ التوحد أسبابه , خصائصه , تشخيصه , علاجه ,
ديبونو للطباعة و النشر ,بغداد ,2010م .
أنطوان الشرتوني, صحيفة الجمهورية, قسم المتفرقات,
26, أبريل, 2019م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق